قصة قصيرة للكاتب قلولي بن ساعد بعنوان "البهلول"






 قصة قصيرة للكاتب  قلولي بن ساعد بعنوان "البهلول"



جاء متأخرا جدا ..أراد أن يسابق الزمن ليعوض ما فاته من وهج ومن أضواء كان كالضمآن يحسبها ماء وحين إندفع بكل مكبوتاته ومنسوب الحرمان الذي أثقل كاهله لم ينتبه إلى نتوءاته الكثيرة وخواءه الذي لا يمكنه سوى بأن يحدق في الفصوص والعلامات الكثيرة لا ليمتلئ بها كما يفعل الشعراء ..لقد كان دون وعي بها وتخونه اللغة والموهبة الفطرية ...الغاية التي كانت تحدوه هو أن يتناغم معها لينسج على منوالها أشياءا عقيمة وشوهاء وبضع كلمات دون طعم ولا رائحة .. ...بعد شهر..بعد عام ....سنوات مرت ...كان كل من عرفه أو إبتسم له إبتسامة مجاملة أو صادفه في حياته أو أخذ معه صورة تذكارية نزولا عند رغبته المحمومة في جمع أكبرعدد ممكن من الصور والشهادات الشرفية ليزود بها سيرته الذاتية المفرغة تماما من أي حال أو نبوغ أو قيم أو مسارات مهمة ...نبهه إلى فداحاته الكثيرة وحماقاته بحق الفن والجمال والعلم وتصوروا أنه إنتهى إلى عزلته أو راجع خياراته الخاطئة من دون عودة إليها أو إصرار أعمى أو إنعكست على وجهه المكدود صور الحياء من نفسه ومن الآخرين ومما يفعل ومن إندفاعه وتمسكه المحموم بالأضواء والألوان التي لا يميز فيها بين الأسود والأبيض والبني الفاتح والبنفسجي مثلما لا يميز فيها بين كبير وصغير... بين لوحة أو قصيدة وبين صورة أو فكرة وبين رواية أو قصة...قناعة ما كانت تدفع أبناء قريته والقرى المجاورة إلى إقتناص لحظات للضحك والهزل والسخرية منه كلما فرغوا من كل إلتزاماتهم وهمومهم الكثيرة ومشاريعهم الطموحة وأرادوا الترويح عن أنفسهم قليلا فشرعوا في قراءة ما يكتب ويوقع من باب التنكيت واللهو ...أحدهم قال ساخرا إقتنعت أخيرا أن من أراد أن يعرض ذوقه للتشوه والبلادة أو يشكك في قدراته العقلية فليقرأ لهذا البهلول ..ضحك الجميع من دقة التوصيف وإنصرفوا يحمدون الله كثيرا على سلامة عقولهم وعدم تعرض حسهم وأذواقهم لأي فيروس خبيث محتمل
 

ليست هناك تعليقات

2015. يتم التشغيل بواسطة Blogger.