جاء متأخرا جدا ..أراد أن يسابق الزمن ليعوض ما
فاته من وهج ومن أضواء كانكالضمآن
يحسبها ماء وحين إندفع بكل مكبوتاته ومنسوب الحرمان الذي أثقلكاهله لم
ينتبه إلى نتوءاته الكثيرة وخواءه الذي لا يمكنه سوى بأن يحدق فيالفصوص والعلامات
الكثيرة لا ليمتلئ بها كما يفعل الشعراء ..لقد كان دونوعي بها
وتخونه اللغة والموهبة الفطرية ...الغاية التي كانت تحدوه هو أنيتناغم
معها لينسج على منوالها أشياءا عقيمة وشوهاء وبضع كلمات دون طعم ولارائحة ..
...بعد شهر..بعد عام ....سنوات مرت ...كان كل من عرفه أو إبتسمله إبتسامة
مجاملة أو صادفه في حياته أو أخذ معه صورة تذكارية نزولا عندرغبته
المحمومة في جمع أكبرعدد ممكن من الصور والشهادات الشرفية ليزود بهاسيرته
الذاتية المفرغة تماما من أي حال أو نبوغ أو قيم أو مسارات مهمة ...نبهه إلى
فداحاته الكثيرة وحماقاته بحق الفن والجمال والعلم وتصوروا أنهإنتهى إلى
عزلته أو راجع خياراته الخاطئة من دون عودة إليها أو إصرار أعمىأو إنعكست
على وجهه المكدود صور الحياء من نفسه ومن الآخرين ومما يفعل ومنإندفاعه
وتمسكه المحموم بالأضواء والألوان التي لا يميز فيها بين الأسودوالأبيض
والبني الفاتح والبنفسجي مثلما لا يميز فيها بين كبير وصغير... بينلوحة أو
قصيدة وبين صورة أو فكرة وبين رواية أو قصة...قناعة ما كانت تدفعأبناء
قريته والقرى المجاورة إلى إقتناص لحظات للضحك والهزل والسخرية منهكلما فرغوا
من كل إلتزاماتهم وهمومهم الكثيرة ومشاريعهم الطموحة وأرادواالترويح عن
أنفسهم قليلا فشرعوا في قراءة ما يكتب ويوقع من باب التنكيتواللهو ...أحدهم
قال ساخرا إقتنعت أخيرا أن من أراد أن يعرض ذوقه للتشوهوالبلادة
أو يشكك في قدراته العقلية فليقرأ لهذا البهلول ..ضحك الجميع مندقة
التوصيف وإنصرفوا يحمدون الله كثيرا على سلامة عقولهم وعدم تعرض حسهموأذواقهم
لأي فيروس خبيث محتمل
أترك تعليقًا