استقبال هولاند كان "رئاسيا" وشعبيا : زيارة أردوغان للجزائر تفضح "الصراع" في هرم السلطة

 

تكشف مقارنة بسيطة بين الاستقبال الذي حظي به رؤساء دول زاروا الجزائر سابقا، ومنهم الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، وبين الاستقبال الذي أُعدّ للوزير الأول التركي، رجب الطيب أردوغان، حجم الهوة في خصوصية الاستقبال.
وبدا الاهتمام الجزائري بالزيارة باهتا، ولم تنخرط الجهات الرسمية، في شقيها السياسي والإعلامي، في الحديث عن هذه الزيارة، إلا يوم وصول أردوغان إلى الجزائر، أمس، قادما من الجارة المغرب، إلى درجة مكّنت من تسرّب الشك إلى الأوساط السياسية والإعلامية، في إمكانية حدوثها، وأعطت الانطباع وكأن ضيف الجزائر مجرد رئيس دولة من دول الموز الإفريقية، جاء ليسترزق من خيرات البلاد.  
فوكالة الأنباء الجزائرية، وعلى غير العادة، لم تتحمس لهذه الزيارة ولم تتطرق إليها إلا عشية قدوم الوزير الأول التركي. فيما راحت تنشر البرقية تلو الأخرى حول المظاهرات المناهضة لأردوغان، التي تشهدها بعض المدن التركية في الأيام الأخيرة. أما أول بيان رسمي عن الوزارة الأولى بخصوص الزيارة، فلم يصدر إلا ليلة الاثنين إلى الثلاثاء. 
وعلى الرغم من الوفد الهام الذي يقوده الوزير الأول التركي، والذي يضم وزراء ورجال أعمال يحملون في جعبتهم استثمارات، وعلى الرغم من خصوصية العلاقات التاريخية الضاربة في أعماق التاريخ بين الجزائر وتركيا، والتي توجت في الزيارة الأخيرة لأردوغان للجزائر، بالتوقيع على معاهدة للصداقة، إلا أن هذه الاعتبارات لم يعثر لها على أثر في الميدان، يؤكد قيمة الاستقبال الذي خصص لضيف الجزائر.
وتتضح الصورة أكثر بالعودة إلى زيارة الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، في ديسمبر من العام المنصرم، وكيف تم تكريمه بحشد الآلاف من الجزائريين في شوارع العاصمة لاستقباله وتقبيل يديه، قبل أن يكتمل المشهد بجمع غرفتي البرلمان بمرسوم رئاسي في قصر الأمم بنادي الصنوبر، كي يخطب هولاند في نواب الشعب وأعضاء مجلس الأمة.
وفي المقابل، اقتصر ما حضّره المسؤولون في الجزائر لضيفهم الذي يزورهم للمرة الثانية في ظرف سبع سنوات على جمع نواب الشعب، بمقر المجلس الشعبي الوطني، دون أعضاء مجلس الأمة، كما حصل مع الرئيس الفرنسي. وإن كان جمع الغرفتين تكريما للرجل، يتطلب مرسوما رئاسيا وفق ما ينص عليه الدستور، فإن ذلك لم يكن من الصعوبة بمكان، طالما أن مرض رئيس الجمهورية، لم يحل دون إمضائه قبل أيام، مرسوما يخلد 22 أكتوبر يوما وطنيا للصحافة. 
وكانت زيارة الوزير الأول التركي للجزائر قد سبقتها محطات اعتبرها العارفون بخبايا العلاقات الثنائية، مؤشرات على وجود أطراف داخلية وخارجية تسعى لتسميم العلاقات بين الجزائر وأنقرة. وهنا تجدر الإشارة إلى زيارة وزيرة الشتات (الجالية) الأرمينية، هرانوش هاكوبيان، إلى الجزائر، الأسبوع المنصرم. وهي الزيارة التي أدرجت في سياق "التشويش" على زيارة أردوغان، بالنظر إلى حساسية العلاقة بين تركيا وأرمينيا، على خلفية مطالبة أرمينيا لتركيا بالاعتذار عما تعتبره "جرائم" تزعم أن الدولة العثمانية ارتكبتها ضد الميلشيات الأرمينية في الحرب العالمية الأولى.
كما تجدر الإشارة أيضا إلى الهجوم العنيف الذي قاده الوزير الأول السابق، أحمد أويحيى، أياما قبل إقالته من الحكومة، على أردوغان، بسبب مطالبة الأخير، فرنسا بالاعتذار للجزائريين، عن الجرائم التي ارتكبها جيشها الاستعماري طيلة 132 سنة تخللتها حروب إبادة واستيطان وطمس للهوية، فيما لم يتجرأ من موقعه كوزير أول، على مطالبة فرنسا بالاعتذار، علما أن باريس ذهبت بعيدا في مساندة مطالب أرمينيا ضد تركيا!!


2015. يتم التشغيل بواسطة Blogger.