رئيس برتبة جنرال !؟


 image 
 الكاتب عبد العالي رزاقي



منذ نشأة الحكومة المؤقتة عام 1958م لغاية عام 2009م أصحاب القرار يصنعون رؤساء الجزائر في "مخابرهم الأمنية" ويعينون رؤساء الحكومات والوزراء والسفراء فهل سيتخلون في رئاسيات 2014م عن "وظيفتهم الأبدية" أم أنهم سيحالون على التقاعد ويتغير نظام الحكم؟
 .
من هم أصحاب القرار؟
كانوا خلال الثورة المسلحة يحملون اسم "الباءات الثلاث" وهم عبد الحفيظ بوصوف وعبد الله بن طوبال وكريم بلقاسم، فهم من عينوا فرحات عباس رئيسا لأول حكومة جزائرية مؤقتة ثم تخلوا عنه وعوّضوه ببن يوسف بن خدة وهم من أعدموا عبان رمضان في المغرب وأقاموا له جنازة في تونس.
لم يخونوا الثورة وإنما قادوها إلى النجاح، فبوصوف عيّن بومدين على قيادة الأركان وكريم بلقاسم قاد المفاوضات مع فرنسا وفي 18 مارس 1962م وقّع باسم الوفد الجزائري الذي ترأسه على "اتفاقيات إيفيان" إلى جانب توقيع لويس جوكس رئيس الوفد الفرنسي، وانبثقت عن هذه الاتفاقية" هيئة تنفيذية مؤقتة" تتولى تنظيم الاستفتاء وتتشكل من جزائريين وفرنسيين برئاسة عبد الرحمن فارس وهي عبارة عن حكومة مصغرة "فرنسية جزائرية".
كانت فرنسا تسعى إلى الهيمنة على القرار السياسي لكن رفض قيادة الجيش التوقيع على الاتفاقية بسبب استمرار التجارب النووية في الصحراء والقواعد العسكرية الفرنسية، وقام بومدين بالإطاحة حكومة بن يوسف بن خدة وتعيين حكومة بقيادة الزعيم أحمد بن بلة لكن اعتماد بومدين على الضباط الفارين من الجيش الفرنسي أثار استياء عقداء الثورة الجزائرية فحاول الرئيس بن بلة إبعاد بومدين إلا أنه سارع للإطاحة به وهكذا أصبحت "مجموعة وجدة" أو "جماعة تلمسان" صاحبة القرار غير أن رحيل الرئيس هواري بومدين ومجيء الشاذلي بن جديد غيّر موازين القوى وأنهى سيطرة مجموعة وجدة على الحكم.
أراد الرئيس الشاذلي بن جديد إبعاد الجيش عن السياسة فأفرغ جبهة التحرير منه، لكن الضباط الفارين من الجيش الفرنسي صاروا اصحاب القرار في المؤسسة العسكرية فنظموا له ما يسمى"أحداث 5 أكتوبر 1988م" وتمكنوا من دفعه إلى الاستقالة في 11 جانفي 1992م وصاروا "أهل الحل والعقد" وأنشأوا مجلسا أعلى وعيّنوا عليه المرحوم محمد بوضياف وحين تمت تصفيته لجأوا إلى رفيقه في الجهاد المرحوم علي كافي وتفاوضوا مع عبد العزيز بوتفليقة وحين فشلوا عينوا وزير دفاعهم المجاهد اليمين زروال رئيسا للمجلس ثم رئيسا للجمهورية لكنهم أدخلوا البلاد في متاهات مما جعلهم مرة أخرى يعودون إلى بوتفليقة للقبول بشروطه.
من حظ الرئيس بو تفليقة أن سعر برميل النفط حقق رقما قياسيا وصارت الجزائر في بحبوحة مالية فبدأت السلطة تتوزع ما بين المؤسسة العسكرية والرئاسة ورجال المال وتفشى الفساد المالي فظهرت مملكة عبد المومن خليفة وتحوّلت الأحزاب والجمعيات إلى لجان مساندة سياسية للرئيس وأدرك بوتفليقة أن قوّته تكمن في "تصغير" المؤسسات المنتخبة وتحويل المال العام إلى "هبات دولية" فقد مسحت وزارة الخارجية الجزائرية ديون مقدرة بـ902 مليون دولار لـ14 دولة إفريقية و500 مليون دولار لدولتين عربيتين إحداهما العراق التي مدخولها من البترول ثلاثة اضعاف مدخول الجزائر من البترول، ولا أتحدث عن المساعدات المقدمة إلى بعض الدول والمنظمات الدولية أو الصفقات المشبوهة والفضائح المالية.
إذا كانت رئاسيات 1999م قد انسحب منها ستة مرشحين وبقي بوتفليقة وحده في السباق بسبب تدخل المؤسسة العسكرية فإن رئاسيات 2014م قد يؤدي تدخل هذه المؤسسة إلى أزمة كبيرة تكون لها تداعيات خطيرة على المستوى المحلي والدولي.
يبدو أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يساند مرشح المؤسسة العسكرية التي وصفها بـ"المتينة" لأن بها جنرالات من الضباط الفارين من الجيش الفرنسي يحتمل ترشحهم خاصة وأنه أعطى وعدا للرئيس بوتفليقة بعدم تفعيل المادة 88 من الدستور عندما قال بأن"هناك انتخابات مقررة في 2014م وأثق في هذا الموعد" وهو تدخل مباشر في الشأن الجزائري، فهل يريد الرئيس الفرنسي رئيسا للجزائر برتبة جنرال مثلما هو الحال في عدد من الأقطار العربية مثل المغرب (المارشال محمد السادس) والسودان (المشير عمر البشير) والبحرين (المشير حمد بن عيسى آل خليفة) وعمان (المشير قابوس بن سعيد).
  .
المرشحون بـ"الجملة" 
شرعت مجلة "جان أفريك" الفرنسية في عملية سبر آراء حول سبع شخصيات جزائرية محتمل ترشحها وهي (عبد العزيز بلخادم، أحمد بن بيتور، علي بن فليس، عمّار غول، عبد الرزاق مقاري، عبد المالك سلال، أحمد أويحيى) وهذا تدخل آخر في الشأن الجزائري ومحاولة لتضليل الرأي العام لأن الاتصالات الجارية حاليا بين أصحاب القرار والرئيس السابق اليمين زروال ليكون مرشحها المحتمل قد باءت بالفشل.
إن أغلب رؤساء الحكومات الذين ترشحوا سابقا للرئاسيات أمثال علي بن فليس ومولود حمروش ومقداد سيفي وسيد أحمد غزالي هم مرشحون محتملون إلى جانب مرشحين جدد مثل أحمد أويحيي وأحمد بن بيتور وعبد المالك سلال وعبد العزيز بلخادم، بالإضافة إلى رؤساء الأحزاب الصغيرة والوزراء.
يبدو أن أصحاب القرار يريدون ترشح الجميع حتى يتمكنوا من تمرير مرشحهم دون أن يشعر أحد بوجوده وهذا المرشح سيكون مدعوما من حزبي جبهة التحرير والتجمع الوطني الديموقراطي، ويراهن أصحاب القرار على انتقال مرشحهم إلى الدور الثاني مع مرشح أخر منهم  وبالتالي يكون سيناريو الرئيس المنتخب محبوكا وبعيدا عن الشكوك.
2015. يتم التشغيل بواسطة Blogger.